الأربعاء، 6 فبراير 2013

صدق الحب

... صدق الحب ...
توجهت الطفلة ذات السادسة إلى غرفة نومها و تناولت حصالة نقودها من مخبئها السري في خزانتها، ثم أفرغتها مما فيها على الأرض، و أخذت تعد بعناية ما جمعته من نقود خلال الأسابيع القليلة الفائتة ثم أعادت عدها ثانية فثالثة، ثم همست في سرها : " إنها بالتأكيد كافية، ولا مجال لأي خطأ" ، وبكل عناية أرجعت النقود إلى الحصالة ثم لبست ردائها
و تسللت من الباب الخلفي متجهة إلى الصيدلية التي لا تبعد كثيرا عن دارها . كان الصيدلي مشغولا للغاية فانتظرته صابرة و لكنه ظل منشغلا عنها، فحاولت لفت نظره دون جدوى ، فما كان منها بعد أن يئست إلا أن أخرجت قطعة نقود معدنية بقيمة ربع دولار من الحصالة ، فألقتها فوق زجاج الطاولة التي يقف وراءها الصيدلي ، عندئذ فقط انتبه إليها، فسألها بصوت عبر فيه عن استيائه : ماذا تريدين أيتها الطفلة ؟ إنني أتكلم مع شقيقي القادم من شيكاغو، و الذي لم أره منذ زمن طويل .. فأجابته بحدة مظهرة بدورها انزعاجها من سلوكه : شقيقي الصغير مريض جدا وبحاجة لدواء اسمه معجزة ، و أريد ان أشتري له هذا الدواء . أجابها الصيدلي بشيء من الدهشة : عفواً ماذا قلتِ؟ فاستأنفت كلامها قائلة بكل جدية : شقيقي الصغير آندرو يشكو من مشكلة في غاية السوء، يقول والدي أن هناك ورما في رأسه، لا تنقذه منه سوى معجزة ، هل فهمتني ؟؟ فكم هو ثمن المعجزة ، أرجوك أفدني حالاً ! أجابها الصيدلي مغيراً لهجته إلى أسلوب أكثر نعومة : انا آسف فأنا لا أبيع معجزة في صيدليتي ! أجابته الطفلة ملحة : اسمعني جيدا ، فأنا معي ما يكفي من النقود لشراء الدواء، فقط قلي كم هو الثمن !! كان شقيق الصيدلي يصغي للحديث، فتقدم من الطفلة سائلا : ماهو نوع المعجزة التي يحتاجها شقيقك آندرو ؟ " أجابته الفتاة بعينين مغرورقتين : لا أدري، ولكن كل ما أعرفه أن شقيقي حقيقة مريض جدا ، قالت أمي أنه بحاجة إلى عملية جراحية، ولكن أبي أجابها أنه لا يملك نقودا تغطي هذه العملية ، لذا قررت أن أستخدم نقودي ..!! سألها شقيق الصيدلي مبديا اهتمامه : كم لديك من النقود يا صغيرة ؟ فأجابته مزهوة : دولار واحد وأحد عشر سنتا، ويمكنني أن أجمع المزيد إذا احتجت ..! أجابها مبتسما : يالها من مصادفة، دولار واحد و أحد عشر سنتا، هي بالضبط المبلغ المطلوب ثمنا لمعجزة من أجل شقيقك الصغير ثم تناول منها المبلغ بيد و باليد الأخرى أمسك بيدها الصغيرة طالبا منها أن تقوده إلى دارها ليقابل والديها ، و قال لها : أريد رؤية شقيقك أيضا . لقد كان ذلك الرجل هو الدكتور كارلتن آرمسترنج، جراح الأعصاب المعروف و قد قام الدكتور كارلتون بإجراء العملية للطفل آندرو مجانا  و كانت عملية ناجحة تعافى بعدها آندرو تماما ... بعد بضعة أيام، جلس الوالدان يتحدثان عن تسلسل الأحداث منذ التعرف على الدكتور كارلتون و حتى نجاح العملية و عودة آندرو إلى حالته الطبيعية ، كانا يتحدثان و قد غمرتهما السعادة ، و قالت الوالدة في سياق الحديث :"حقا إنها معجزة "!! ثم تساءلت: " ترى كم كلفت هذه العملية ؟" رسمت الطفلة على شفتيها ابتسامة عريضة فهي تعلم وحدها ان معجزة كلفت بالضبط دولار واحد و أحد عشر سنتا .                               
                           عندما يكون حب الآخرين حبا صادقا 
                                     و نابعا من القلب 
                        عندها ستكون المعجزة ....ولن تكلف الكثير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق