الأحد، 21 أبريل 2013

فنون الكلام المؤثر و مهاراته


" الكلمة الطيبة صدقة " حديث شريف
في البدء كانت الكلمة ...
لقد خلق الله الكون بكلمة كن ... فكان ...
و بالكلمة تنال رضاه سبحانه و تعالى ...
و بكلمة مضادة يحل عليك سخطه ...
و هناك كلمة تفتح في وجهك الأبواب المغلقة .. و أخرى تسد عليك كل السبل ..!
و لا يتم الزواج إلا بكلمة قبول تنطقها العروس أو وليّها ...
و الطلاق الذي يفرق بين الرجل و امرأته يقع بكلمة واحدة..
و كذلك الصفقات الكبرى ، و حتى أصغر عمليات البيع و الشراء ، فالإتفاق عليها يعقد بكلمة ...
و كلام تقوله في وقته ، ومكانه يرفعك إلى القمة ...!
و كلمات تنطقها في غير مناسبتها ، تحط بك إلى أسفل السافلين ...
و هناك كلام يتأخر في الخروج عند الاحتياج إليه ... و يظل حبيس صدرك ، فتضيع عليك الفرصة تلو الفرصة ، وتبقى مكانك ، أو تنكمش ، و ربما تتلاشى ..
و هذه كلمة قد لا تلقي لها بالاً ، فتجلسك على أرائك الجنة ...! و أخرى تنطقها بلا اهتمام فتلقي بك في النار سبعين خريفا !!
عزيزي القارئ ليكن كلامك مؤثراً ، فكلامك طريقك إلى القمة .
و من العوامل التي تساعد على ذلك :-
1- استعن بالله :
إن الاستعانة بالله هي عمود الأساس الذي لا غنى عنه ، و قد تكون الاستعانة بالنية أو الدعاء أو الإكثار من الصدقة أو بكل هذا مجتمعا  ، و كلما ظهرت قوة استعانتك بالله زادت أسباب نجاحك في التعامل بمفتاح الحياة .
2- ثق بنفسك :
فمن غير الثقة سوف تذهب كلماتك أدراج الرياح ، فالناس لا تنجذب للإنسان الفاقد للثقة بنفسه ، فلا تفكر بعيوبك كثيرا قبل الكلام بل عليك أن تركز فيما تقول أو ستقول ، و اعلم أنه من الصعب أن تجد إنسانا يثق ثقة كاملة بنفسه ، و لكن الفرق بين الإنسان الذي يبدو واثقا و بين نقيضه أن الأول يقف بفكره طويلا عند نقائصه ، فافعل مثله ، و اختر في البداية أناسا ترى أنهم يحترمونك للحديث معهم ثم تدرج لاكتساب مزيد من الثقة ، و إذا لم تشعر بعدم الثقة الكافية فتظاهر بأنك واثق من نفسك ، و الاخرين لن يعرفوا ذلك ، و لكن لا تبالغ في التظاهر .
3- اهتم بمظهرك :
كم شخصا يتعامل معك يوميا ؟
لنحدد السؤال أكثر و نقول : كم منهم يتاح له الاقتراب منك لدرجة تكون فكرة عن أفكارك و مبادئك ؟
أظنك تقول : إنهم قلة قليلة .
نعم عزيزي القارئ ، فأغلب الناس الذين نتعامل معهم لا يمتلكون فرصة للحكم علينا إلا من مظهرنا ، و من هنا تأتي أهمية الاهتمام بالمظهر .
و هناك أولويات في هذا السياق ،منها : أن تكون ملابسك نظيفة و حبذا لو تم كيها بانتظام ، و أن ألوانها متناسقة غير منفرة فضلا عن بعدها عن التقاليد و الموضة غير المتوافقة مع سنك أو تربيتك . و لا تنس تلميع الحذاء باستمرار فكونه متسخا سيقلل كثيرا من رصيدك لدى الاخرين .
4- اختيار موضوع الكلام :
يجب أن تختار موضوعا تحب الحديث فيه و يحبه مستمعك ، فكما يقول كارنيجي : إننا عندما نصطاد السمك نضع له الدود كطعم ، لأنه يحبه بينما لو وضعنا له أفخر أنواع المأكولات لانصرف عنها . و بعد اختيار الموضوع عليك أن تستعد للحديث عنه بجمع أكبر قدر من المعلومات ثم ترتيبها في رأسك أو على ورقة إن كان الموضوع متشعبا ، و سوف تلقيه على مسامع أشخاص يهمك أمرهم.
5- ابتسم :
إن الابتسام هو الطريق السريع إلى قلب الشخص الآخر و قد حثنا عليه الرسول صلوات الله وسلامه عليه بقوله " تبسمك بوجه أخيك صدقة ". و قد قال الصينيون : " من لا يعرف الابتسام لا ينبغي أن يفتح متجرا " .
6- حرك جسمك : 
إن ايماءاتك و تعبيرات جسدك هي أسلحة قوية جدا لإعطاء مصداقية لكلامك ، فكما تعرف فإن تأثيرك على من حولك يكون 55% منه بصريا ، أي أنه يأتي مما يراه الشخص الآخر من حركاتك ، فلا تخجل من استخدام يديك بشكل يتناسب مع ما تقول ، و كذلك حركة رأسك ، أو الميل بجسدك نحو المستمعين ، و لا تلتفت لمن يسخر من حركتنا الجسدية المتكررة - وخصوصا بالأيدي - كعرب أثناء الكلام ، فالغرب الآن أنشأ مدارس خاصة لتعليم لغة الجسد ..!
7- انظر في عينيه :
للعين أهمية كبرى في عملية الإتصال فقد قال عنها الشاعر العربي :
العين تبدي الذي في قلب صاحبها    ***    من الشنـــاءة أو حـب إذا كـــان 
إن البغيـــض له عين يصدقـــــها    ***    لا يستطيع لما في القلب كتــمان 
فالعيــن تنطق و الأفواه صامتـــة    ***     حتى ترى من صميم القلب تبيان
يقول رالف إيمرسون : " العين يمكن أن تهدد كما تهدد بندقية معبأة و مصوبة ، أو يمكن أن تهين كالركل أو الرفس ، أما إذا كانت نظرتها حانية و لطيفة فإنه يمكنها بشعاع رقتها و عطفها أن تجعل القلب يرقص بكل بهجة ."
فلغة العيون لها قوانينها الخاصة ، فهي تستطيع أن تنقل مئات الرسائل التي يعجز اللسان عن النطق بها .
و للاستفادة منها عليك بالنظر تجاه الشخص الذي تتحدث إليه لمدة عشرين ثانية في بداية كلامك ، و إذا كنت تحادث مجموعة فيجب أن  تنقل بصرك بينهم في شيء من العدل ، تركز نظراتك على من تنظر إليه مدة تتراوح من خمس إلى عشر ثوان قبل أن تنقل بصرك عنه ، و لا تركز بصرك على شخص واحد فقط ، أو تحدق في اللاشيء ، فهذا يعطي انطباعا بفقدان الثقة بالنفس .
8- صافح بحرارة :
من الخصال الحميدة التي نقلت لنا عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان لا ينزع يده من يد مصافحه حتى ينزعه الأخير ، و نقل لنا ايضا أن كفه كانت لينة ، و هذا يعني أنه كان رفيقا لينا حتى في المصافحة ، و ليس كما يفهم البعض الآن " خطأ " أن المصافحة بحرارة تعني اعتصار يد من يصافحك ، إن هذا الفعل إنما ينبئ أنك شخص ضعيف تحاول التظاهر بالقوة ...! فانفث الحرارة في مصافحتك للآخرين ، دون أن تكسر عظامهم. 
9- أنتم إلى جهة ما :
إن أغلب الناس اليوم - للأسف الشديد- فقدوا القدرة على التمييز بين الكلام الصالح و الطالح و انصب تركيزهم على ماهية الشخص نفسه ،فإذا وثقوا بالشخص استمعوا له و انصتوا ، و إذا لم يقدروه انصرفوا عن كلامه و لو كان يلقي دررا .
فلو كنت تملك ناصية الكلام و تجد عندك ما يستحق أن تسمعه للآخرين ، فدعّمه بمكانة اجتماعية مرموقة أو على الأقل محترمة ليبدأ الناس في سماعك بعقل قابل للأخذ منك ، و من أشكال هذه المكانة :
الحصول على لقب علمي ( صاحب دكتوراه ، طبيب ، محام )
أو العمل في مؤسسة تعليمية أو إدارية يشار إليها بالبنان .
أو البزوغ في مهنة لها شأنها ( كاتب ، صحفي ، مذيع ، مؤرخ ) 
أو الانتماء إلى حزب سياسي أو حتى جمعية خيرية .
10- اختر الزمان و المكان المناسبين :
تكلم عندما يكون مستمعوك جاهزين لسماعك ، و ليس عندما تشعر أنك تريد أن تكلمهم ، اختر مكانا مناسبا يساعد على تعزيز المعنى الذي تريد توصيله ، فليس من اللائق أن تذهب لشخص في مكان عمله لتحدثه في أمور شخصية .
11- حدد الأشخاص الذين تود أن تفتح معهم جسر الكلام :
فكر في الناس الذين تود أن تمد جسور العلاقات معهم ، لتستفيد من كلامهم ، أو تفيدهم بكلامك ، و حاول كتابة قائمة بتلك الأسماء على أن تراعي فيها التنوع في اختيار هؤلاء الأشخاص من حيث مكان تواجدهم ، و نوعية أعمالهم و الأفضل أن تضم تلك القائمة : ( بعض الجيران ، زملائك أو رؤساء في العمل ، دعاة أو علماء دين ، أصحاب الخبرة من كبار السن ، شبابا واعدا طموحا ..)
12- لا تنتظر التصفيق :
يقول وليام جيمس عالم النفس الشهير : " إذا انتظرت تقدير الآخرين لواجهت إحباطا كبيرا " )
لذلك عليك أن تتقن أصول الحديث و فنونه و تمارسها بشكل دوري حتى تصبح جزءا من شخصيتك ، دون أن تنتظر نتائج فورية لكل ما تقول ، فالناس بطبعها الحالي باتوا يتمتعون بشيء من البخل عند تعاملهم مع المبتدئين في أي مجال ، فاعرض كلامك و لا تنتظر التصفيق من المستمعين ، و تذكر أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان أفصح منك لسانا و أقرب منك بيانا ، و مع ذلك فقد قوبل كثيرا باللوم و الانتقاد و السخرية ، فلا تبتئس إذا أخذت بالأسباب التي تفتح لك بوابة الحياة ثم تأخرت النتائج قليلا ، و كن على يقين أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق